أخبار-ثقافة -فكر دينى – فنون – أثار
يؤلمني ألمها، يبدو وجهها ممتقعا، ضربة جديدة من ضربات آلام غضاريف عمودها الفقري، حدثتني بينما تتأوه وهي تحاول النوم قليلا على جنبها الأيمن :
— محاولات الإصلاح المخلصة التي لا تحسم أمرا وتطيل أمد الظلم تزيد الطامعين قوة، والصبر الزائد يزيد توحشهم.. وحدها المعارك القاسية تحسم الأمور عندما تسد كل الطرق.
نظرت إليها بإشفاق، ابنة صديقي الراحل التي تربت على يدي، أعرفها كما اعرف أبناء صلبي، كنت ادرك ان كل آلامها تبدأ عندما تنهار روحها المعنوية، يضربها المرض بقسوة في نقاط ضعف جسدها.
كانت تتألم لطول شعورها بالقهر، فشلت انا وكل من حاولوا رد حقوقها في ثروة والدها، لا أعرف ماذا سيحدث الآن وقد قررت اخيرا خوض معركة ضد مقربين لم تكن تتمنى ان تجبر على خوضها، انهت موقف المتفرج من كل هؤلاء الذين تباروا في مد امد الظلم، وأوغروا صدور الناس عليها، أغلقت الباب أمام أي محاولات جديدة للتفاوض، فاجأتهم بينما تبدو منهزمة تماما، يفتك بها المرض، أشهرت سيف القانون، في معركة تبدو غير متكافئة تماما لمن ينظر إلى امكاناتها الظاهرة، لكنني وحدي أعرف تلك الفتاة تماما كما كان يعرفها والدها!
قالت وفي عينيها بريق ذكاء ازداد ألقه بتلك الدمعة الحببسة:
– ليتك تشعر بما أشعر به من قوة دفعتها في عروقي سنوات صبر مرهقة، وظروف مالية قاسية، بينما حقي أمام عيني، ولا استطيع الوصول إليه!
ابتسمت متوجسا، ملتزما الصمت في حضرة الطبيب الذي دخل وأخذ يتفحص آخر صورة للأشعة، تهللت عندما أكد أن تحسنها يذهله.
انبسطت عضلات وجهها وأطلق الرضا من عينيها وميضا لم أفهمه، وبينما تتراجع تقلصات الألم مفسحة لابتسامة واهية قالت:
– هل تصدق أنني َمنحتهم السعادة لسنوات طويلة بانقيادي لجلسات تافهة؟!.. سأشفى سريعا، اتعرف لماذا؟
كنت على يقين من قوة إرادتها فابتسمت مشجعا واثقا.
أكملت وهي تحاول الاعتدال في نومتها بألم أقل:
— ياصديقي.. أضف إلى كل خطاياهم أنهم أجبروني الآن على إعمال عقلي، وكان مستكينا للذة الخمول.
ارتجفت.. حقا أخافتني نظرتها